رواية "البيت الفارغ" للكاتب لوران موفينييه تفوز بجائزة غونكور الفرنسية
Description
في حلقة هذا الأسبوع من برنامج "قرأنا لكم" نتوقف عند حدث منح لجنة تحكيم غونكور الفرنسية جائزتها السنوية الى الروائي والمسرحي لوران موفينييه البالغ من العمر 58 عاما عن روايته "المنزل الفارغ" الصادرة عن دار "مينوي" للنشر.
رواية موفينييه فازت في الدور الأول من التصويت بستة اصوات مقابل أربعة لصالح الروائية كارولين لامارش في حين لم يحصل منافس موفينييه الرئيسي وهو الكاتب ايمانويل كاريير على أدنى صوت.
الرواية الفائزة تشتمل على 750 صفحة هي أشبه بالملحمة وتسرد حكاية عائلة تمتد عبر أربعة أجيال.
ويبدأ السرد في عام 1976 بالموازاة مع عودة الأب إلى منزل العائلة، بعد مرور عقدين من الزمن على إغلاقه وهجرانه.
وترصد الرواية المصائر المتشابكة لعدة أفراد من العائلة حيث يمتزج الحميمي بالسياسي والخاص بالعام منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر حتى خمسينيات القرن الماضي، مرورا بحربين عالميتين الأولى والثانية، ووصولًا إلى نهاية مأساوية تتمثل في انتحار الأب.
ويمكن قراءة هذه الرواية وكأنها محاولة لفهم سر انتحار الأب. ورغم استناد الكاتب على وقائع حقيقية فقد اضطر الى الالتجاء الى الخيال لنقص في المعلومات خاصة فترتي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
موفينييه يستعمل أيضا الخيال في هذه الرواية كوسيلة للتحقيق والتمحيص في معطيات واقعية وتصفية الحساب مع ندوب ومآسي الأسلاف. ويكتب سردا يتماهى مع الروايات الفرنسية الكلاسيكية في القرن التاسع عشر.
لنستمع اليه متحدثا عن فوزه بالجائزة وعن والدته ووالده وملابسات كتابة "البيت الفارغ" رغم المرض...
"قلتُ مع نفسي إن قصةَ هذا الكتاب استثنائيةٌ منذ البداية وهي ما تزال متواصلة بشكل لا يُصَدَّقْ ولهذا فوجئتُ بها. أما بالنسبة لسيرورة كتابة هذه الرواية فهي الأخرى استثنائية وغريبة. فقد وقعت الأشياء من تلقاء نفسها بنوع من السهولة المُحَيِّرة وكتبت فصول الرواية بسهولة ودون تعقيدات. وعندما نُشِرَتْ الرواية كان الاستقبال رائعا من طرف القراء والنقاد ووسائل الإعلام.
أنا أكتب وأنشر منذ خمسة وعشرين عاما ولم أعش تجربة كهذه طوال هذه السنوات. وحتى اختيار روايتي من طرف لجنة تحكيم الغونكور في الدور الأول من عملية التصويت كان مفاجأةً بالنسبة لي لأن الروايات الثلاث الأخرى المرشحة ممتازةٌ فعلا وأنا معجبٌ بكُتّابِها.
يجب أن أوضح هنا أن كتابةَ هذه الرواية كانت نوعا من العلاج النفسي وأنها أنقذتني حرفيا. ذلك أنني كنت في غاية المرض وأخضعُ للعلاج في المستشفى لشهور طويلة بعد إصابتي بمرض السرطان ومع ذلك واصلتُ الكتابة كلما سمحت لي صحتي الهشة بذلك.
كنت أفتح الكمبيوتر كل يوم وأكتب لمدة عشر دقائق أو ربع ساعة. كان لدي انطباعٌ بأن الرواية تعرف مسارَها جيدا وتكتبُ نفسها بنفسها وهذا بحد ذاته معجزةٌ بالنسبة لي.
عندما تم الإعلان عن فوزي بالجائزة فكرت مباشرة في والدتي لأن الملهم الرئيسي لهذه الرواية وهي التي سردت عليَّف معظم قصص هذه الرواية رغم أنها ليس لها حضور كشخصية في هذه الرواية.
أيضا يجب أن أقر بأن الصورة التي تسكنني بقوة منذ سن الثامنة هي صورة والدي الذي شاهد بأم عينه والدتَهُ وهي تخضع بالقوة لحلق رأسها بالكامل بعد اتهامها بمخالطة الجنود الألمان بعد تحرير فرنسا من النازية عام 1945 وسنه لا يتجاوز السابعة. هذه الصورة جزء من الأشياء التي جعلتني أصير كاتبا. وأتذكر أن جدتي تعرضت لعملية محو قاسية في تاريخ عائلتي حدَّ أنه تم تشطيُب وجهها في البوم الصور العائلية وحتى ذِكر اسمها كان من المحرمات في الوسط العائلي."
وبهذه الجائزة تكون لجنة تحكيم الغونكور برئاسة الكاتب بول كلوديل أنصفت هذا الروائي المتميز الذي يعتبر واحدا من أهم الأصوات الروائية في فرنسا ومن أكثر أبناء جيله موهبة ومثابرة على الكتابة.
ولد لوران موفينييه في مدينة تور الفرنسية عام 1967. واقتحم الساحة الأدبية الفرنسية بروايته الأولى «بعيداً عنهم» عام 1999 عن دار "مينوي" للنشر التي صارت ناشره الأساسي. كتب أيضا ثلاث مسرحيات وأصدر دراسة نقدية وكتابا عن التصوير الفوتوغرافي.
والجدير بالذكر أن أعمال موفينييه التي تتجاوز 13 رواية لم تحظ باهتمام كبير في العالم العربية وله ترجمة يتيمة، حسب علمنا المتواضع" صدرت عن دار الكلمة للترجمة في أبو ظبي بترجمة سيلفانا الخوري ومراجعة كاظم جهاد.
وللإشارة فإن الفائز بجائزة غونكور يحصل على شيك رمزي بقيمة عشرة أورو فقط بخلاف الجوائز الفرنسية الأخرى التي تمنح مكافآت مالية مهمة. لكن الربح الحقيقي في مكان آخر، ذلك أن الرواية الفائزة غالبا ما تتجاوز مبيعاتها كل عام 500 ألف نسخة ما يدر على الكاتب أرباحا مهمة من حقوق النشر. كما أن الفائز بهذه الجائزة يحرز على شهرة واسعة وتتم ترجمة رواياته الى مختلف لغات العالم.
وكل كتاب وأنتم بخير...




